السبت، 2 أبريل 2016

طريق التعساء-قصة كاملة-



اليوم هو اتعس يوم في حياته... يوم تعيس اخر ينضم الى يوميات التعاسة خاصته... كل ما يريده الان العودة الى المنزل...كل ما يتمناه الان الاستلقاء ثم النوم...النوم العميق...نوم لا يقظة منه... اليوم هو اتعس يوم في حياته ... لقد طُرِدَ توا من عمله... لقد اصبح الان عاطلا عن العمل... ليس هذا فحسب بل ترك ورائه فضيحة حقيقية  ... ستتناقلها وسائل الاعلام و ستذيع  كالنار في الهشيم   ... فضيحة ليس له دخل بها اصلا...لكن من يهتم... من سيصدق بائسا مثله و يكذب رب عمله الثري دو النفوذ...  من المخبول الذي قد يتجرأ على الاقدام على هذا ؟...لا احد ... كل ما يريده الان هو العودة الى المنزل... فاليوم هو اتعس يوم في حياته...بعد تلك الحادثة في العمل اصابته طامة اخرى من حيث لا يدري...لقد اخبرته نادية خطيبته... حب حياته... وردة وجدانه انها لم تعد تريد الزواج من فاشل مثله... عاطل ...سارق هل كذبت ؟ لا لم تفعل... فكيف سيجد عملا بعد ان اصبح موضوعا يتناقل على لسان هذا و ذاك؟ كيف سيكون اسرة  بعد ان شاع خبر كذبة مدبرة كهذه في مجتمعه الجاهل؟...لقد احسنت نادية...لقد كان سينفصل عنها لأنه يحبها لكن لا باس لقد بادرته هي...فليوم اتعس يوم في حياته...يريد فقط العودة الى المنزل لكن هذه الافكار لا تنزاح عن عقله بل تتضخم في تؤدة و كأنها تشبع نزواتها بتحطيمه لقد اتصلت به توا اخته سمية ...اللعينة...اخبرته توا انها تحتاج الى المال...تريد ان تشتري كتابا من اجل الجامعة..." تبا لها...تبا لكتبها...و تبا لي " همس  ليس ذلك فحسب بل اخبرته انها تريده ان يرسل اليها مالا اضفيا فوالدهما المسن يموت مرضا هذا -ما كان ينقصه -...من اين سيحصل على كل هذا المال و قد اصبح لجدران البطالة طلاءا ابديا  ... و ما زاد الطين بله اتصال شكري...ذلك الثري البدين...مالك الشقة ...يريد ايجاره..."الموت له"صاح...لقد فقد الامل في الحياة لقد خسرها...فاليوم اسوء يوم في حياته ...كل ما يريده العودة الى المنزل...دون التفكير في اي شيئ اخر حتى هذه الطريق الخالية التي لا يعرف كيف وصل اليها...لا يهم...عليه العودة الى المنزل...لأنه اتعس يوم في حياته...
" اللعنة... من تلك الغبية التي تقف  امامي ...اللعنة...السيارة لا تريد التوقف...الهي ...هل ماتت ؟"اليوم اتعس يوم في حياته ...لقد قتل شخصا ما توا...شخص غبي كفاية ليقف امام شخص تعيس...محطم...بائس  يسوق سيارته بسرعة جنونية عبر طريق لا يعرفها...ولا  يعرف كيف وصل اليها
نزل من سيارته بعد ان اطلق سلسلة من الشتائم..." اللعين اين هو؟ " صاح بعصبية ...لم يجد احدا امام السيارة هو متأكد انه قد ارتطم بشخص ما...هذا لحسن حظه...اعتقد
" اتبحث عن شيء ما ؟" باغته صوت انثوي من خلفه
استدار في تؤدة ثم وضع يديه على فاه... امتقع وجهه...و كاد قلبه ان يتوقف عن النبض  بعد ان رآها ...فتاة في الثلاثينيات... شديدة بياض البشرة ...لها عيون بيضاء كالحليب...سواد شعرها اكثر سوادا  من سواد هذه الليلة التعيسة...لها نذوب على وجهها ...و جرح عميق على خدها...ترتدي جلبابا باليا ابيض... حافية القدمين  ...لقد نسي كل شيء ...كل شيء...إلا جزء -انه اليوم اتعس يوم في حياته-...ابتعد عنها في تؤدة و عيونه لا زالت تحملق فيها برعب...بينما كانت تحدق بعيونها البيضاء في العدم ...كل ما يريده العودة الى المنزل...الانتهاء من هذا الكابوس...كابوس الحياة...ظل صامتا...خائفا...منهكا ...يفكر...
 " ا تريد العودة الى المنزل...؟" صاحت ...نظر اليها متوجسا بعد ان ايقظته من يقظته متفاديا النظر الى  عينيها المخيفة ...اجاب دون تفكير ..."نعم اريد ان اعود الى المنزل... اريد ان انام ...هلا تركتني من فضلك "
ابتسمت و قالت دون ان تكف عن التحديق في العدم ..."اردت العودة الى المنزل ايضا...اردت ان انام ايضا...اردت ان انام عميقا..." ثم اردفت مشيرة بأصبعها خلفه دون ان تحرك ساكنا ..." كلهم اردوا العودة الى المنزل... كلهم اردوا النوم...نوما عميقا... "
استدار في تؤدة خلفه ليرى ما الذي تشير اليه تلك المخبولة...اتسعت عيناه...تسارعت دقات قلبه...تصبب جبينه عرقا...
من اولائك الذين اصطفوا على ضفاف الطريق مئات بل ألاف... حفاة الاقدام ...يرتدون جلابيب بيضاء متهالكة...و قد ملئت الندوب كل جزء من بشرتهم ...عيونهم بيضاء يحملقون في العدم...
همس برعب حقيقي " ما انتم بحق الخالق العظيم... ؟" استدار في تؤدة اليها متسائلا " من هؤلاء بحق الجبار؟ "  ابتسمت...ثم تلاشت في العدم
لم يعد لها وجود ...لم يعد لهم وجود...خيم الظلام...ظلام تام...انه يكره الظلام  ...جواد يكره الظلام...الكائنات الشريرة تحب الظلام... صرخ  بصوت مبحوح...طفولي  " اين انا؟ اريد العودة الى المنزل ...اريد النوم"
همس صوت في أذنه  "انت على طريق التعساء...نم هيا نم...نم... لن تعود الى المنزل ابدا...ابدا..." ثم تلاشى الظلام...تلاشى كل شيء...كل شيء ...اي شيء...تلاشى هو نفسه...تلاشى جواد...

  
سقط الهاتف من بين يديها فتلته دموع غزيرة مصحوبة بصرخات صامتة...ركبت سيارتها المركونة جانبا...و انطلقت الى الامكان بسرعة جنونية ...كانت تبكي...توبخ نفسها ...تصرخ...لقد مات...لقد مات خطيبها...لم يمت موتا طبيعيا بل انتحر...بسببها...لقد قتلته...لو لم تجرحه بكلماتها القاسية تلك...لما انتحر...لو وثقت به لكانت بين احضانه الان تهنئه...لقد القوا القبض عن رب عمله اليوم صباحا ...لقد ظلمته...جواد لم يخطئ...جواد بريء ...جواد مات ...جواد انتحر... اليوم اتعس يوم في حياتها...اغمضت عينيها لبرهة...و سارت عبر ذلك الطريق المجهول ...و كل ما تريده النوم...النوم العميق...ان تحتضن صورته...انه اتعس يوم في حياتها...مهلا..."ما كان ذلك بحق السماء؟ "
لقد داست احدهم توا بسيارتها...شخص غبيا...غبيا كفاية  ليعترض سيارة انسة يائسة... محطمة...تعيسة  تسوق سيارتها بسرعة جنونية ...عبر  طريق مجهول...لا تعرف كيف وصلت اليه...

تمت    


التدوينه التاليه
هذه هى التدوينه الأخيره
رسالة أقدم

0 التعليقات:

إرسال تعليق